يارب إني مديون لك...،مديون لك بوجودي في هذه الصورة الإنسانية التي على شبهك ومثالك
مديون لكبالأبوين القديسين اللذان ربياني في مخافتك ... مديون لك بالحب الأبوي الروحي الذي أسكرتني به في آباء الكنيسة أمي
مديون لك باللحظات التي أكتب فيها إليك الآن هذا كله ، وغيره مما لا يحصى ، لا يعادل ديني لك بالفداء الذي صنعتهمن أجلي والأبدية التي فتحت أبوابها على مصراعيها بدمك أمام خاطئ ساقط مثلي
فهل أستطيع أن أوفي ديوني لك ؟ ! وبأي إمكانيات أسددها لك ؟! إني لا أستطيع، ولا أجد من يستطيع ... إن الحب ( الذي هو أنت ) يستطيع كل شئ،لقد أوجد لي الحب وسيلة أعبر بها لأسدد بها ديوني... وأنت أيها الحب لا تحتقر التعبير ، ولوكان فلسين ، بل ربما ترفعه فوق الوفاء بالدين أيضا
لذا أقدم لك جسدي ف يإنقطاع عن الطعام ... لا بهدف الضبط ، ولا بهدف الفضيلة ، ولا بهدف الفرض الواجب الأداء ، ولا نتيجة التعود الناتج من التكرار ، ولا محاكاة غيري من الناس ... إنماأقدم هذا الصوم تعبير حب... أنا العاجز عن وفاء ديونك
أرجو أن تقبله مني بشفاعة القديس بولس الذي نطقت بروحك في رسائله معلما ً إياي : *quot; قدموا أجسادكم ذبيحة حية *quot; رو 1: 12
ولا أستطيع إلا بك ، وبدمك الحي ، أخذ الوسيلة التي تجعل التعبير - مجرد التعبير - يليق بجلالك
فأعود إلى مذبحك الإلهي أطلب دمك الإلهي ... فأقترب من الكأس المقدسة لأرتشف نقطة من دمك الثمين وكأنها ترش على كل خلية من جسدي تموت أثناء الإنقطاع عن الطعام في صومي فترفعها من الخلية المائتة إلى الذبيحة الحية ... فتراها أيها الآب فوق ذبيحة حبي ورمز تعبيري فتعبر الهلاك عني ، وتمنحني قوة الخروج من مذلة العبودية إلى حرية البنوة
كم أفرح الآن .... لأني حينما أعبر لك عن حبي بالصوم ، لا أستطيع إلا بك ... أفرح لأنني عاجز بنفسي وقادر بذبيحة دمك الغالي
أشكرك ياإلهي أنك أوصيت الأسقف في الكنيسة بتناول القربان يوميا ً في الصوم ( دسق ب 38 ،مج 15 ) ، لأنني أضمن وجودك كل يوم على أقرب مذبح لسكني
فساعدني يا إلهي في كل صوم : وأثناء إنقطاعي عن الطعام ، أن أواظب يوميا على حضور القداس الإلهي والشبع بك وتناول جسدك ودمك الطاهرين
ومهما تكون مسئولياتي اليومية ، ساعدني يارب لكي تكون المسئولية الأولىفي أيام الصوم هي اللقاء بدمك الطاهرلأضمن لصومي أن يكون ذبيحة حب لائقة بكأيها الحي
فإن مسئولياتي اليومية كثيرة ، وعند الإنقطاع عن الطعام ، ينتابجسدي الخمول وتثقل رأسي بصداع ويحلو في عيني السرير ... وتحت دعوى هذا كله أوافقنفسي على الإنقطاع عن العمل أو الهروب منه أو القعود وتأجيل إلتزاماتي تجاه الخليقةبأعمال الحب
فامنحني يارب الحكمة بمشورة أبي في الإعتراف لكي أقدم لك تعبيرالصوم كذبيحة حب في جوع صحيح
جوع لا يعيقني عن تأدية مسئولياتي المكلفبها... وجهادي الموضوع أمامي لأبديتي
جوع لا يقتلني في المرض .. أو يقتل امرأة من جنسي في أثناء حملها لجنين أو إرضاعها لطفل
جوع يبدأ بأقل من إستطاعتي ويتدرج
فإنني أسألك أن لا تجعل صومي معطل لي، بل تمنحني فيه الطاقة لأعمل في رتبة الإنسان العادي .... وما فوق الطاقة لأعمل ما يؤهلني لمرتبة الإنسان المسيحي
فإن كان النهار وضع للعمل ، والليل للراحة ... فامنحني فيالنهار طاقة العمل مع الجوع الصحيح لأتمم عمل الإنسان العادي .... وامنحني في الليل مافوق الطاقة لا لأنام من التعب وعناء العمل النهاري ، بل لأحوله إلى نهار روحي بالسهر والتسبيح والهذيذ في وصاياك المقدسة
آه كم هي لذة الحبفي أيام الصوم ؟ ! إنني في التعبير الذي أود أن أقدمه لك كحب تمنحني لذة غير موصوفة ولامنطوق بها بكلام لذا إعطني أيها الحب أن لاأوثر اللذة لنفسي... بل إسكب فيّ رغبة حقيقية لعطاء اللذة المنسكبة في صومي للك لفي صورة أعمال حب ورحمة للخليقة الناطقة وغير الناطقة معا، فإن إحتفظت باللذة وحدي، فما عرفتك ، ولا عرفت التعبير لك كيف يكون ومهما قابلت ، أثناء تأدية تلك الأعمال ، بروح عطاء لذة حبك في ذبيحة صومي : مهما قابلت من الناس فاعطني التذلل لك وأمامك حتى وإن كان أمام الناس ومعهم . ها رأسي وهامتي وجسدي اقبلهم في وضع المذلة وجهاد المطانيات
يا حبيــــبي
إنني أكتشف الان أن محاولة التعبير عن حبك المداين به... تجعلني مديونا ً لك بالأكثر ... فحتى التعبير بالصوم كذبيحة حب يدينني ديناجديدا
وسأظل طيلة عمري أبحث عن تعبير ... حتى ألقاك بعد فناء الجسد ... فتمنحني أنت وفاء الدين بإكليل الجهاد القانوني
يا حبيبي .... إقبل صومي ذبيحة حب
أبينا القمص يوسف أسعد